
بدأت تتجلى معالم تحولات كبرى في سوق الأضاحي في الجزائر ، بعد دخول أولى شحنات المواشي المُستوردة من رومانيا واقتراب استقبال أخرى من إسبانيا ودول أخرى اعتمدتها الحكومة لإستيراد خرفان عيد الأضحى أو ما يُعرف بــ " العيد الكبير" بالجزائر ، وذلك تنفيذا لقرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال اجتماع لمجلس الوزراء في 9 مارس المنقضي الرامي إلى إستيراد 1 مليون رأس غنم تحسبا لذات الشعيرة الدينية.
وسجّلت أسواق الماشية في الشلف ، وهران ، الجلفة ، سعيدة ، البيض ، المسيلة و النعامة ، في اليومين الماضيين ، هبوطا واضحا في الأسعار ، وذلك بعد تنفيذ أولى عمليات إستيراد رؤوس الأغنام الموجهة للذبيحة في عيد الأضحى ، وسط توقعات بتسجيل انخفاض آخر في قادم الأيام قد يؤدي إلى تراجع أسعار يصل إلى 50% خاصة في الأسواق المعروفة ببيع الأضاحي ، وذلك بالنظر إلى كون عملية استيراد المواشي مازالت متواصلة.
و تُظهر تصريحات الكثير من الفاعلين في القطاع ، أنّ عملية الإستيراد المستمرة والتي تبلغ الذروة نهاية الشهر الجاري و بداية ماي الداخل بدخول آلاف رؤوس الأغنام السوق الأوروبية خاصة إسبانيا ، إيرلندا ، بولونيا ، مولدافيا و البرتغال ، من شأنها أن تسهم في انخفاض أكبر في الأسعار ، ما سيرخي بظلاله على أسعار المواشي الموجهة لعيد الأضحى.
و تتأهب موانئ وهران ، عنابة ، تنس ، سكيكدة ، جيجل و الجزائر العاصمة ، لإستقبال شحنات إضافية من المواشي المُستوردة بمعدل 12 إلى 35 ألف رأس غنم من الدول المعتمدة عبر بواخر ضخمة من المُقرر أن ترسو اعتبارا من مساء اليوم الإثنين ، الأربعاء ونهاية الأسبوع ، ضمن جهود الدولة الرامية إلى تعزّيز العرض الوطني من خلال الإستيراد بما يساهم في تلبية الطلب المتزايد خلال هذه المناسبة الدينية.
إشادة واسعة ..
و أجمع الكثير من المُختصين في الإقتصاد ، بأنّ تحدّيد سعر الأغنام المُستوردة في السوق الوطنية بـــ 40 ألف دينار جزائري ، يجعل أسعار المواشي في قادم الأسابيع ، تستمر في الهبوط ، بحكم أنّ الفارق كبير بين السعر الذي حددّته الدولة بـــ 40000 دج و الأسعار القياسية التي عرفتها الأسواق في الماضي بأكثر من 120 ألف دينار جزائري لرأس الغنم الواحد ، سيدفع العديد من الموالين إلى خفض الأسعار إلى مادون ذلك بشكل اضطراري .
ووثقت فيديوهات كثيرة ، الإشادة الواسعة التي رافقت تراجع أسعار الأضاحي في أكبر أسواق المواشي في الجزائر ، على غرار الكرمة في وهران، البيرين في الجلفة و سعيدة ومعسكر ، مع بدء دخول الأغنام المُستوردة ، التي ساهمت في " تكسير " أسعار المواشي الجزائرية وتوجيه " ضربة موجعة" لشبكات السماسرة ، التي اعتادت ضرب جيوب المواطنين في هكذا مناسبات برفع الأسعار إلى مستوى " الخيال " ، بحيث ارتفعت أسعار الماشية ، خلال العام الماضي بشكل غير مسبوق ، وتراوحت بين 70 إلى 150 ألف دينار جزائري ، ما أدى إلى عزوف كبير من المواطنين عن ذبح الأضاحي. ونقلا عن تصريحات المواطنين ، فإنّ أسعار الكباش ، عادت إلى ما كانت عليه في السابق بين 55 إلى 75 ألف دينار جزائري ، وسط توقعات بهبوط آخر في شهر ماي موازاة مع دخول شحنات إضافية من الأغنام القادمة من السوق الأوروبية ، بفعل القرار " الشجاع" لرئيس الجمهورية ، الذي أعاد " الوضع إلى طبيعته" و السماح للشعب الجزائري بقضاء " العيد الكبير" ، لكون أنّ الجزائريين معروفون بإقبالهم الكبير على إحياء هذه الشعيرة الدينية .
و رافقت أولى عمليات الإستيراد ، قرارات ترحيب من قبل الفاعلين المهنيين ، بحيث وصف الأمين العام للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين عبد اللطيف ديلمي ، القرار بـ”الشجاع ” ، لأنّه سيحمي الثروة الجزائرية ، في ظل تناقص قطعان الماشية في الجزائر منذ 6 سنوات بسبب الجفاف . كما رأى جيلالي عزاوي رئيس الفيدرالية الجزائرية للمَوّالين ، قرار الإستيراد بــ " الموضوعي " ، وبالتالي فإنّ جلب ما يصل إلى مليون رأس ماشية من السوق الخارجية ، في ظل تناقص أعداد القطعان المحلية، سيكون بمثابة حماية لرؤوس الماشية الجزائرية.
وأبدى مصطفى زبدي رئيس منظمة حماية المستهلك الجزائري في منشور عبر صفحته الرسمية ، مطلق ارتياحه ، لقرار إستيراد أضاحي العيد من الخارج ، الذي سيسهم بالنصيب الأوفر على أسعار الأضاحي المحلية التي ستتراجع في قادم الأسابيع ، مشيرا إلى أنّ كمية الماشية المُستوردة ، ستسمح يإشعال الأسواق التي ستكون مضطرة إلى " تخفيض " الأسعار إلى أكثر من 50% ، بالتوازي مع استمرار الجزائر في استقبال رؤوس الأغنام القادمة من الخارج ، وذلك ضمن المساعي الحكومية من أجل العمل على تخفيض أسعار البيع التي ألهبت جيوب الجزائريين.
كما ذكر الخبير الإقتصادي ياسين عبيد ، في منشور رسمي ، أنّ الهدف من إستيراد أضاحي العيد ، هو ضمان توفيرها للعائلات الجزائرية بأسعار معقولة مع المحافظة على السلالة المحلية خاصة الأنثى منها لضمان تكاثرها ، في أعقاب صدور قرار بمنع ذبح الأنثى أو ما يُعرف ب " الرخلة" لضمان تكاثر السلالة المحلية .