
لم تحمل محليات 2017 في نتائجها الكثير من المفاجأت وكرست وضعية "الستاتيكو" السياسي التي تعيشها الجزائر منذ سنوات. ورغم تراجع الافلان، غير أنه يصعب أن يحسب في إطار الصراع بين الموالاة والمعارضة، لأن ما خسره الأفلان صب في مصلحة الأرندي الجناح الثاني للسلطة، ما يعني بقاء الموازين السياسية السابقة على حالها مع تغييرات بسيطة لا تمس الجوهر.. الإسلاميون بدورهم تقهقر حضورهم السياسي وأصبحت أحزابا مجهرية ودون هوية سياسية تحقق نتائج أحسن منهم. فيما حسم الصراع بين بن يونس وعمار غول على موقع الحزب الثالث في الموالاة لصالح زعيم الحركة الشعبية الجزائرية .
أويحيى الذي استفاد لا محالة من وهج منصب الوزير الأول عرف كيف يراقص الأفاعي ويخرج سالما من الاستحقاق المحلي، ليكرس زعامته الحزبية وموقعه أيضا في دواليب السلطة كجناح شريك في صناعة القرار السياسي وتسيير شؤون الحكم.
وتعرض التيار الإسلامي في الجزائر إلى ضربة انتخابية جديدة، لم تعصمه منها محاولات الوحدة والاندماج التي سارت عليها أحزابه في السنوات الأخيرة ويبدوا أن الأزمة التي يعيشها الإسلاميون أعمق من إشكالية القيادة والعناوين الحزبية المشتتة، وقد تمس عناوينها السياسية وبنائها الإيديولوجي، ناهيك عن أدائها التنظيمي. وكانت كل التوقعات تصب في اتجاه تراجع جديد للوعاء الانتخابي لحركات الإسلام السياسي مع فشلها في حشد الشارع وتحقيق الصدى الإعلامي، وحتى تقديم مرشحين على مستوى كل القطر . ورغم أن ما يعاني منه الإسلاميون قد يدخل ضمن تراجع حضورهم على المستوى العربي بفعل الأحداث التي عاشتها المنطقة، زيادة على الوضعية العامة للبلاد و تميزها بضعف الأحزاب ونفور الناس من العملية السياسية، إلا أنه يصعب تبرير الحصيلة الزهيدة للإسلاميين وردها فقط إلى العوامل الخارجية، فكيف تكون حصيلة حزب المستقبل "مثلا" أكثر مما حققه التيار الإسلامي مجتمعا، كل هذا يستدعي أن يمر التيار الإسلامي إلى مرحلة جديدة وأكثر جرأة في خططه الإصلاحية ومراجعاته الفكرية.