الجزائر تبدأ “معركة” استرجاع الأموال المهربة إلى الخارج

بعد الأحكام النهائية للعدالة في أهم قضايا الفساد

وزارة العدل
وزارة العدل

البلاد - رياض.خ - كشفت مصادر عليمة لـ”البلاد”، أن العدالة الجزائرية شرعت فعليا في ملف استرجاع الأموال والأصول والمتمثل في توجيه مراسلات قضائية لنظيرتها بالدول المعنية بتهريب الأموال الجزائرية لحجز وتجميد ممتلكات رجال أعمال مدانين في قضايا فساد وذلك بعد إصدار الأحكام القضائية في حق وزراء ومسؤولين مباشرين ورجال الأعمال المتواجدين في السجن منذ أكثر من سنة.

وأكدت المصادر نفسها، أن هناك تحركات رسمية للمرور إلى هذا الإجراء الهام في مرحلة استرجاع الأموال المنهوبة، حيث أصبح بإمكان القضاء الجزائري، وفقا للاتفاقيات الدولية المعمول بها، إرسال طلبات لنظرائه في مختلف الدول الأجنبية لتجميد الأموال المتواجدة في حسابات المعنيين بقضايا الفساد، بالإضافة إلى ممتلكاتهم من عقارات وشركات وغيرها وذلك لمنع عائلاتهم من التصرف فيها أو ربما تحويلها إلى دول أخرى ممن تعقد إجراءات استرجاع الأموال المنهوبة بها.

وتقول المصادر، إن إجراءات على هذا النحو، من شأنها أن تمنع كل ما لديه صلة بالمتهمين من التصرف في الأموال والممتلكات المهربة وتحويلها إلى ما يعرف بدول “الملاذات الضريبية”، التي تستقطب الأموال غير الشرعية وتقوم بتبييضها وتوظيفها في بنوكها، كما يمكن استغلال هذه الثروات المحولة بطرق غير شرعية، من قبل بعض الدول التي باشرت مؤخرا تكييف قوانينها بما يسمح لها أن تبادر لتجميد الأموال المحقق في مصدرها وهو ما يعطيها الحق لاحقا في تحصيل جزء من هذه الأموال.

في هذا السياق، يرى مراقبون، على دراية بقضايا الفساد، أن السلطات الجزائرية تتوفر على معلومات لازمة عن حسابات بنكية لرجال أعمال ومليارديرات مدانين في قضايا فساد، حيث تعكف على خوض أهم مرحلة من استرداد الأموال المنهوبة بعد نجاحها في طي المرحلة الإدارية التي سمحت بالحصول على رصيد معلوماتي هائل يكشف حجم الأموال التي تم تهريبها إلى الخارج، بينما يتم تكثيف العمل الرسمي لحصر وتحديد مواقع تواجد هذه الثروات، لأنها مسألة تعد من أعقد حلقات البحث عن الأموال المنهوبة، بسبب اعتماد المتهمين على التحايل والشركات الوهمية التي تم تأسيسها بأسماء مستعارة .

وفي هذا الإطار، تؤكد أخبار موثوقة أن السلطات القضائية الجزائرية، أرسلت في وقت سابق إنابات قضائية دولية إلى 5 دول عربية وأوروبية يتعلق الأمر بتونس، المغرب، فرنسا، إسبانيا وإيطاليا وأوفدت محققين من كبار المفتشين عن الديوان المركزي لقمع الفساد، في واحدة من عمليات الحصول على بيانات حول أملاك المسؤولين المتورطين في الفساد.  وكانت مجلة “لوبوان” الفرنسية، اعترفت أن الجزائر تحركت على أكثر من صعيد من منطلق إرادة سياسية حقيقية لاسترجاع الأموال المنهوبة، حيث تقدمت بطلب رسمي لباريس من أجل الحصول على بيانات حول ممتلكات بوشوارب وغيره من المسؤولين الواردة أسماؤهم في ملفات فساد.

وبرأي المحامي والحقوقي أحسن لكحل، فإن الاسترداد الفعلي للأموال المهربة للخارج يحتاج، إلى وقت طويل قد يدوم 5 سنوات، وذلك حسب استعداد كل دولة للتعاون مع الجزائر بخصوص هذا الموضوع. كما تكمن أهمية طلبات التجميد، الحجز والمصادرة فوريا للممتلكات وأموال المعنيين بقضايا الفساد، استنادا لرأي هذا الحقوقي، في منع إخفاء الأموال التي تم تحويلها بشكل غير مشروع إلى الخارج في البنوك، مضيفا أن الجزائر تخوض حربا تاريخية تعكس نوايا الرئيس تبون، الذي تعهد بالمضي قدما نحو هذا الاتجاه، وقال إن “عملية التطهير ستتواصل لمدة طويلة لأن وضع رؤوس كبيرة في السجن لا يعني أن كل شيء انتهى، ما تزال هناك بقايا مرتبطة بها وهي كثيرة”.

وأكدت عائشة بن سيدهم، محامية معتمدة لدى المحكمة العليا التي تشتغل على ملفات فساد، أنها مهمة معقدة لكن استدلت بواقع القضايا المشابهة التي فتحت في العديد من الدول العربية والمتابعات التي طالت رموز الأنظمة بعد موجة ما سمي “الربيع العربي” وتم استرجاع الكثير من الأموال على غرار مصر وتونس. وكشفت المتحدثة، أن الأموال المحولة بطريقة غير شرعية إلى الخارج، وفقًا لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، غير قابلة للتقادم، مضيفة أن هناك تنسيق قائم بين الجزائر ومجموعة العمل المالي “غافي” لحصر وتحديد المواقع التي تتواجد فيها أموال العديد من الجزائريين المتورطين في الفساد.

وخلصت بن سيدهم إلى القول، أن البلدان التي يشتبه بتواجد أموال الجزائريين في بنوكها وتملك اتفاقيات ثنائية في المجالين القضائي والأمني، مدعوة اليوم، إلى التعاون مع الجزائر في إطار اتفاقية مكافحة الفساد وتبييض الأموال لسنة 2003 في حال تقديم الأدلة والأحكام القضائية التي تدين المتهمين وذلك تطبيقا للمادة 54 من الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد”، التي تنص على التجميد المؤقت أو الاستيلاء على الممتلكات، حيث توجد أسباب كافية لاتخاذ مثل هذه الإجراءات في وقت مبكر من طلب رسمي”.

كما تسمح هذه المادة بمصادرة وتجميد أموال وممتلكات الفارين من العدالة قبل استردادها، مثل الوزير الأسبق للصناعة عبد السلام بوشوارب وغيره ممن صدر في حقهم أمر بالقبض الدولي، الأمر الذي يبين أهمية خطوة إرسال طلبات تجميد ممتلكات المدانين في قضايا الفساد في استرجاع الأموال المنهوبة. 

وجمع العشرات من المتهمين المتورطين في الفساد في الجزائر، ثرواتهم عن طريق إبرام صفقات عمومية مع الدولة من دون الوفاء بالالتزامات التعاقدية، عبر استغلال نفوذ موظفين عموميين، إلى جانب تحويل عقارات وامتيازات عن مقصدها الامتياز، فضلا عن تبييض الأموال ومنح مزايا غير مستحقة وتمويل خفي للحملة الانتخابية للرئيس المستقيل الذي قضى 20 عاما في إدارة الحكم بالبلاد.

 

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. رياح قوية وزوابع رملية على 5 ولايــات

  2. انفجارات في أصفهان وتقارير عن هجوم إسرائيلي

  3. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني

  4. بلعريبي يتفقد مشروع مقر وزارة السكن الجديد

  5. إيران تعلن استئناف الرحلات الجوية بعد هجوم بمسيرات

  6. وكالة “إرنا” الإيرانية: المنشآت النووية في أصفهان تتمتع بأمن تام

  7. منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن أسفها لفشل مجلس الأمن في تمرير مشروع قرار متعلق بانضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة